responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 520
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ هُوَ مَنْصُوبٌ نَصْبَ الْمَصْدَرِ الْمُؤَكِّدِ أَيْ فَرَضَ ذَلِكَ فَرْضًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا، وَالْمَعْنَى أَنَّ قِسْمَةَ اللَّهِ لِهَذِهِ الْمَوَارِيثِ أَوْلَى مِنَ الْقِسْمَةِ الَّتِي تَمِيلُ إِلَيْهَا طِبَاعُكُمْ، لِأَنَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ، فَيَكُونُ عَالِمًا بِمَا فِي قِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ مِنَ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ، وَأَنَّهُ حَكِيمٌ لَا يَأْمُرُ إِلَّا بِمَا هُوَ الْأَصْلَحُ الْأَحْسَنُ، وَمَتَى كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ كَانَتْ قِسْمَتُهُ لِهَذِهِ الْمَوَارِيثِ أَوْلَى مِنَ الْقِسْمَةِ الَّتِي تُرِيدُونَهَا، وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِ لِلْمَلَائِكَةِ: إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ [الْبَقَرَةِ: 30] .
فَإِنْ قِيلَ لِمَ قَالَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً مَعَ أَنَّهُ الْآنَ كَذَلِكَ.
قُلْنَا: قَالَ الْخَلِيلُ: الْخَبَرُ عَنِ اللَّهِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ كَالْخَبَرِ بِالْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ، لِأَنَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنِ الدُّخُولِ تَحْتَ الزَّمَانِ، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: الْقَوْمُ لَمَّا شَاهَدُوا عِلْمًا وَحِكْمَةً وَفَضْلًا وَإِحْسَانًا تَعَجَّبُوا، فَقِيلَ/ لَهُمْ: إِنَّ اللَّهَ كَانَ كَذَلِكَ، وَلَمْ يَزَلْ مَوْصُوفًا بهذه الصفات.

[سورة النساء (4) : آية 12]
وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إلى قوله مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ] اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى أَوْرَدَ أَقْسَامَ الْوَرَثَةِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ عَلَى أَحْسَنِ التَّرْتِيبَاتِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَارِثَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِالْمَيِّتِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ أَوْ بِوَاسِطَةٍ، فَإِنِ اتَّصَلَ بِهِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ فَسَبَبُ الِاتِّصَالِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ النَّسَبَ أَوِ الزَّوْجِيَّةَ، فَحَصَلَ هَاهُنَا أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ، أَشْرَفُهَا وَأَعْلَاهَا الِاتِّصَالُ الْحَاصِلُ ابْتِدَاءً مِنْ جِهَةِ النسب، وذلك هو قرابة الولاد، وَيَدْخُلُ فِيهَا الْأَوْلَادُ وَالْوَالِدَانِ فَاللَّهُ تَعَالَى قَدَّمَ حُكْمَ هَذَا الْقِسْمِ. وَثَانِيهَا: الِاتِّصَالُ الْحَاصِلُ ابْتِدَاءً مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِيَّةِ، وَهَذَا الْقِسْمُ مُتَأَخِّرٌ فِي الشَّرَفِ عَنِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ ذَاتِيٌّ وَهَذَا الثَّانِي عَرَضِيٌّ، وَالذَّاتِيُّ أَشْرَفُ مِنَ الْعَرَضِيِّ، وَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي نَحْنُ الْآنَ فِي تَفْسِيرِهَا. وَثَالِثُهَا: الِاتِّصَالُ الْحَاصِلُ بِوَاسِطَةِ الْغَيْرِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْكَلَالَةِ، وَهَذَا الْقِسْمُ مُتَأَخِّرٌ عَنِ الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْأَوْلَادَ وَالْوَالِدَيْنِ وَالْأَزْوَاجَ وَالزَّوْجَاتِ لَا يَعْرِضُ لَهُمُ السُّقُوطُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَأَمَّا الْكَلَالَةُ فَقَدْ يَعْرِضُ لَهُمُ السُّقُوطُ بِالْكُلِّيَّةِ. وَثَانِيهَا: أَنَّ الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ يُنْسَبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى الْمَيِّتِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ، وَالْكَلَالَةُ تُنْسَبُ إِلَى الْمَيِّتِ بِوَاسِطَةٍ وَالثَّابِتُ ابْتِدَاءً أَشْرَفُ مِنَ الثَّابِتِ بِوَاسِطَةٍ. وَثَالِثُهَا: أَنَّ مُخَالَطَةَ الْإِنْسَانِ بِالْوَالِدَيْنِ وَالْأَوْلَادِ وَالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ أَكْثَرُ وَأَتَمُّ مِنْ مُخَالَطَتِهِ بِالْكَلَالَةِ. وَكَثْرَةُ الْمُخَالَطَةِ مَظِنَّةُ الْأُلْفَةِ وَالشَّفَقَةِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ شِدَّةَ الِاهْتِمَامِ بِأَحْوَالِهِمْ، فَلِهَذِهِ الْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ وَأَشْبَاهِهَا أَخَّرَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرَ مَوَارِيثِ الْكَلَالَةِ عَنْ ذِكْرِ الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَمَا أَحْسَنَ هَذَا التَّرْتِيبَ وَمَا أَشَدَّ انْطِبَاقَهُ/ عَلَى قَوَانِينِ الْمَعْقُولَاتِ وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا جَعَلَ فِي الْمُوجِبِ النِّسْبِيِّ حَظَّ الرَّجُلِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ كَذَلِكَ جَعَلَ فِي الْمُوجِبِ السَّبَبِيِّ حَظَّ الرَّجُلِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَاحِدَ وَالْجَمَاعَةَ سَوَاءٌ فِي الرُّبُعِ وَالثُّمُنِ، وَالْوَلَدُ مِنْ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 520
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست